الأزمة الاقتصادية أسبابها و تأثيراتها
أهم عوامل وأسباب الأزمة .
يمكن القول بان نمو الفوائض المالية في العالم نتيجة عدة عوامل أهمها زيادة غير مسبوقة بأسعار النفط وتحقيق بعض بلدان العالم لمعدلات نمو كبيرة أدى إلى زيادة في الإيداعات في المصارف العالمية ، وفي الولايات المتحدة عززت بعض الظروف السياسية اتخاذ قرارات باتجاه خفض الفوائد على الإقراض هذه الأمور مجتمعة أدت إلى توفر ما يمكن تسميته بـ "المال السهل". هذا المال الذي ذهب كتلة كبيرة منه باتجاه القروض العقارية ذات التصنيف الائتماني المنخفض ، أي القروض التي أعطيت بضمانات غير كافية ، أدت إلى نشوء طفرة في القطاع السكني وارتفاع أسعار العقارات
والسبب الرئيسي للازمة كما يرى الدكتور فؤاد شاكر رئيس اتحاد المصارف العربية هو التوسع الكبير في القروض العقارية في السوق الأمريكي اعتمادا على الارتفاع الكبير في أسعار العقارات. لكن مع تراجع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة تراجعت أسعار العقارات من جهة، وتوقف مقترضون عن سداد ديونهم للبنوك مع زيادة البطالة من جهة أخرى ، وبالتالي وجدت البنوك أنها لا تستطيع بيع العقارات لاسترداد قيمة القروض لان قيمة هذه العقارات، ببساطة، أصبحت اقل كثيرا من قيمة القروض. والنتيجة، حسب وصفه، ان فقاعة القروض العقارية قد انفجرت.
ويضيف الدكتور إبراهيم البدوي الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي ، ان المؤسسات المالية تشتري سندات مالية securities بضمان الديون العقارية، وهذه السندات المالية يتم إعادة إنتاجها وإعادة بيعها في السوق الموازية Secondary market عدة مرات طالما ان هناك من يشتريها، بمعنى آخر يتم تداول القروض العقارية في الأسواق دون رقابة ودون ضوابط. صحيح ان تدوير رؤوس الأموال يؤدي إلى خلق فرص تمويلية جديدة ، لكنه أيضا يحمل مخاطر كبيرة ، خاصة وان جانبا كبيرا من هذه القروض العقارية تصبح بلا ضمان إذا انهارت أسعار العقارات ، وهو ما حدث.
جذور الأزمة , تطورات التمويل العقاري
شهدت نظم التمويل العقاري تغيرات كبيرة في العديد من الاقتصادات المتقدمة. فحتى الثمانينيات، خضعت أسواق الرهن العقاري لدرجة عالية من التنظيم، وكان الائتمان العقاري يخضع لسيطرة جهات الإقراض المتخصصة التي واجهت قدرا محدودا من التنافس في الأسواق المجزأة . وقد وضعت القواعد التنظيمية حدودا قصوى لأسعار الفائدة وحدودا للقروض العقارية وفترات السداد. وأسفرت هذه القواعد التنظيمية عن ترشيد استخدام الائتمان في أسواق الرهن العقاري .
ومع تحرير أسواق الرهن العقاري الذي بدأ في أوائل الثمانينيات في العديد من الدول المتقدمة، ظهرت الضغوط التنافسية من جهات الإقراض غير التقليدية. وكانت النتيجة أن أصبحت الأسعار أكثر تفاعلا واتسع نطاق الخدمات المتاحة، مما أدى إلى زيادة فرص المستهلكين للحصول على القروض العقارية.
ففي الولايات المتحدة تزامنت عملية تحرير أسواق التمويل العقاري مع الإلغاء التدريجي للقيود على أسعار الفائدة في أوائل الثمانينيات. وفي الوقت ذاته ترتب على نشأة سوق ثانوية للرهن العقاري سهولة كبيرة في تمويل القروض العقارية عن طريق أسواق رأس المال. فأدى ذلك إلى تشجيع مجموعة كبيرة من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى على دخول سوق الرهن العقاري.
أسباب الأزمة
لقد شكل وضع شركتي فاني ماي و فريدي ماك "تحت الوصاية" خطوة غير متوقّعة في مسار أزمة الرهونات العقارية التي هي أساس العاصفة المالية القائمة. هاتان المؤسستان اللتان ترمزان إلى ضخامة الفقاعة المالية، كانتا تغطيان بمفردهما مخاطر 45 في المئة من القروض العقارية الأميركية .
كانت مهمّة مؤسّستا Fannie Mae Fannie Mae وFreddie Mac هي تأمين سيولة سوق القروض العقاريّة، من خلال تأمين هذه القروض أو عبر شرائها من المصارف. كذلك تمّ تشجيع الإقتراض نظراً لإمكانيّة خصم الفائدة على الدين العقاريّ من ضريبة الدخل. وكانت Fannie Mae وFreddie Mac تموّلان نشاطاتهما من خلال إصدار سندات معروفة باسم "سندات المنازل المضمونة عقاريّاً" (Residential Mortgage-based Securities, RMBS)، والتي لم يكن نجاحها لدى المستثمرين غريباً عن القناعة بأنّ الحكومة الأميركية كانت تضمنها، ولو دون إعلانٍ صريح.
وقد ازدادت وتيرة نموّها المتسارعة باستمرار، بالتزامن مع إلغاء القيود على المنظومة المالية. ففي العام 1990، كانت المؤسّستان تمتلكان 740 ملياراً من القروض. وقد ارتفع هذا الرقم ليبلغ 1250 مليار دولار في العام 1995، وليتخطّى 2000 ملياراً في العام 1999 ثمّ 4000 مليار في العام 2005. وعشيّة تأميمهما، كان في حوزتهما 5400 مليار دولار (3825 مليار يورو)، أي ما يعادل 45 في المئة من الرقم الشامل للقروض العقاريّة في الولايات المتحدة. من جهة أخرى، كانت الشركتان تدعمان بمفردهما 97 في المئة من السندات المُرفقة بقروض الرهن العقاري. ويمكن تفسير تسارع وتيرة النموّ بالتأثير المتزاوج للفقاعة العقاريّة بين العامين 2001 و2006 وبالتطوّرات التي تحقّقت في مجال الهندسة الماليّة.
كان مهندس هذا الانفجار العقاريّ وأحد أشدّ المؤيّدين للابتكار المالي، هو السيّد "" آلان غرينسبان "" بلا منازع، الرجل الذي أدار الخزينة الفيدرالية الأميركية (Fed) والذي أطلقت عليه الأوساط المالية، بالإجماع تقريباً، اسم "المايسترو" [2]. فتصاريحه المتعاقبة كانت تحدّد الفكر الذي سيسيطر على الدوائر الماليّة.
ففي العام 2002، اعتبر أنّه "ما من سياسة قادرة على وضع حدٍّ لتضخّم فقّاعة ماليّة"، مع استمراره بتغذية هذه الفقّاعة من خلال سياساته التي اعتمدت على خفض معدلات الفوائد.